/1/ آل الرشيد
كان الملك الراحل الحسن الثاني ميكيافيليا وهو يؤسس لاوليغارشيا صحراوية انتقاها لمواجهة التحديات التي تمثلها حركة التحرير الصحراوية والتي دعت الصحراويين لنبذ التفرقة والصراعات الثانوية والتكتل لمواجهة لوبيات قسمته وارضه ، وسعت لتغيير التاريخ والجغرافيا بما يلائم مصالحها .
ولعل البوليساريو وبعد تاسيسها حاولت التصدي بفطنة زعيمها ومؤسسها الاول لتلك المحاولات بفتحها لنقاش مع مجموعة "الاتحاد الوطني الصحراوي" PUNS التي تزعمها شاب عشريني دفعت به المخابرات الاسبانية وقدمته للعالم بانه الزعيم الليبرالي للصحراء الاسبانية قبل ان تورثه للحسن الثاني ضمن خطة تقسيم ثلاثية .
لم تكن خطوة اسبانيا ارتجالية ، وهي التي عالجت ادارتها الاقليم على ارضية دراسات خبراء البنيات الاجتماعية ، فكانت تعرف حجم القبيلة والفخذ والعرش ، وعبرها كانت تستشرف المستقبل .
احتضنت المخابرات الاسبانية خليهن ولد سيدي امحمد ولد الرشيد ، ونفرت من احد ابناء عمومته الخليل الدخيل على الرغم من تكوين الاخير سياسيا واكاديميا، وقدم الاعلام الاسباني خليهن بانه المثقف الكاريزمي، القادر على ادارة الاقليم في المرحلة القادمة .
كانت السلطات الاسبانية قد اصدرت امرها المطاع ، كان زملاء خليهن يتلقون تكوينا في اماكن متفرقة من اوربا تمهيدا لدخولهم معترك السياسة .
شكل العام 1975 مرحلة فاصلة في تاريخ الشعب الصحراوي , موفى تلك السنة اصدرت محكمة العدل الدولية قرارها الاستشاري ، قبل ان يعلن الحسن الثاني " المسيرة الخضراء" وهي الواجهة الاعلامية والدعائية لغزو الاقليم . في مكان اخر ، كانت مفاوضات يقودها مندوبون عن القصر بخليهن ومجموعته،
اسفرت عن ابرام اتفاق , بموجبه يلتحق خليهن بنظام الرباط مقابل حساب بمبلغ ضخم فتح له باحد البنوك السويسرية ، في حين ان مجموعته التي ضمت حمودي بوحنانة ، خداد ولد امحمد تلقت وعودا بحصولها على مناصب سامية.
حاول الديه النوشة سحب البساط من تحت اقدام رفاقه في الاتحاد الوطني الصحراوي ، لكن محاولته باءت بالفشل ، صحيح ان الحزب قد حل ، لكن ذلك لم يمنع قادته من الانتقال للعب دور جديد ، في مكان جديد.
لم يكن خليهن محنكا كما يروج لذلك الاعلام و بطانته ، لكنه كان محظوظا ، فقد ساهمت ظروف المرحلة وقوة البوليساريو وانتصاراتها وتوغلها في العمق المغربي ، في تعزيز مكانته حيث عهدت له حقيبة سميت بالوزارة المنتدبة المكلفة بتنمية الشؤون الصحراوية. كان توزيره فرصة لفرملة قوة وتعجرف صالح زمراك الذي كان يملك يدا طولى ، لكن بالمقابل وعلى راي اخواننا المصريين "طاقة الفرج انفتحتلو" بدأ يؤسس لمملكته داخل الصحراء .
يقدر ادريس ولد القابلة ميزانية تلك الوزارة خلال الخمس عشر سنة الاولى بما يفوق 6 ملايير دولار.
يحكي لي احد الاصدقاء انه تعرف على الرجل في اجتماع لعشيرته، بعد الاحداث التي شهدتها مدينة العيون العام 1999 ، كلف النظام "الجديد القديم " ولد الرشيد ، بلعب دور الاطفائي ، وبات يجوب مدن الصحراء ويعقد لقاءته ، واصفا المغاربة ب " شليحات مولانا " ، كان يعرف بان المواطن الصحراوي على فوهة بركانه ، وان مرحلة الحسن الثاني قد ولت الى غير رجعة.
في ذلك الاجتماع الذي عقد بمنزل شقيقه حمدي ، تقدم شاب في مقتبل العمر ، وهو يتلو بيانا يتهم فيه الاعيان بالفساد ويطالب فيه بفرض الضرائب لتتحقق المساواة . لم يتمالك رشيد ولد حسنة دويهي نفسه ، اندفع صوب الشاب لينزع منه ورقة البيان ، لكن خليهن تدخل ليهدأ الحشد المتضامن.
تناول الكلمة ، وانتقد ما جاء في البيان ، خاصة ما يشتم من رائحة الماركسية ، التي قال عنها انها نظام فاشل ، ولى بانهيار حائط برلين . قدم نفسه بالليبرالي ، وبدأ يعدد في مناقب الراسمالية ، قال بان سكان الصحراء كلهم مدينون الى اعيانها بالكثير .
ماقاله خليهن في ذلك اللقاء لايجب ان يمر دون ان نتفحصه ونفهم كنهه وطبيعته ، لقد قال بانه مستعد شانه شان المواطنين البؤساء بدفع الضرائب ، لكن على المتحدث ان يفهم بان مشاريع الرجل كلها بالخارج ويسري عليها قانون الضرائب في كل دولة يمتلك فيها شركات او مشاريع او عقارات .
لم تكن تحركات ولد الرشيد عشوائية ، ولكنها تأسست على معطيات ان لم اقل مسلمات بان المغرب يخطط مذ ذلك التاريخ لما سيسميه ب "الحكم الذاتي" .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire