المصطفى عبدالدائم
منذ زمن بعيد مليء بالانكسارات,
وأنا احلم أن أصبح كاتبا ليس بالضرورة عظيما , ولكن كاتبا جيدا...
وهذه الرغبة العصية على التفسير حولتني إلى كائن غريب يتصرف في أحيان كثيرة
كما يتصرف الحيوان بعد رحلة طويلة وشاقة .. فيصبح (
أكثر تمردا واقل طاعة.. ويرفض حمل الأثقال ).. وهكذا كانت تنتابني
حالة من( النشوة الأقرب إلى الرعونة) .. تهب علي رياح وقحة تجردني من ثيابي ..امضي
إلى حتفي عاريا كما ولدتني أمي ..اغسل خطاياي بقطرات من دموع قلما تخبرنا شيئا عن
غيوم تلبدت في سماء خيبتنا وجهلنا وموتنا .. المؤامرة
التي استطاعت أن تحتال على التاريخ فيقبل بها طريقا وحيدا ومختصرا يقودنا
نحو السعادة ...
في هذا الأمس الموغل في القدم كنت انتظر أن تأتي إلي, كاشفة عن مفاتنها ( شعر أصيل.. عنق طويل.. خصر نحيل .. ردف ثقيل ...) وإمعانا في التأريخ أضيف ( عينان واسعتان بهما حور .. وأنف دقيق يطل على الثغر الصغير كأنه غزال يرتوي من عين صافية ) . . ولكنها لم تأتي , وتركتني أتجرع قهوتي السوداء المرة ..هكذا احتسيها منذ استجابت هذه المقهى لشروطي في الكتابة .. الإطلالة على شاطئ البحر الذي لم يتخلف يوما عن ( انقضاضه على الصخر الهائل يفتته ).. الهدوء الكئيب الذي يتناوب على الجلوس إليه رواد المقهى فيما يشبه طقسا يرفضون الإخلال به .. طاولتي..المحجوزة لي في الركن القصي جوار النافذة التي منها أستطيع رؤية المنارة التي لم تعد ترشد السفن , بل أصبحت وكرا للسكارى والمشردين والعاهرات القدامى من طوح بهن الدهر ولم يسعفهن عطار...
كل صباح مظلم أو مشرق ..ممطر أو صحو , أشد الرحال للمقهى المعلوم ..ألبس لكل حال لبوسها .. اندس في المعطف الصوفي الثقيل ..واحتمي من المطر بمظلة سوداء ... أو ارتدي قميصا بألوان قوس قزح واضع على الرأس قبعة رياضية بيضاء .. وفي جميع الأحوال امضي إلى المقهى مطمئن البال .. أكان معي ما يكفي من المال أم كنت مثقوب الجيوب . لاشيء يمنعني من الذهاب الى وجهتي .. من اجل تحقيق هدفي .. قد يظن البعض إني أداوم على هذا الفعل كما قد يفعل موظف لا خيار أمامه.. أبدا كنت كالمقاتل أعرف مصيري.. فلا مجال للاحتمالات إما النصر وإما الهزيمة .. أما بلوغ العظمة فذاك رهان الموتى الذين يتبجحون بالقول ( أن العظمة وان كانت قصيرة الأمد فإنها تلازم صاحبها طويلا ) ..لا أريد أن أكون كاتبا عظيما .. لذلك أجلس في هذا المكان منزويا أستعيد تفاصيل حياتي ..افرد على الطاولة أوراقي البيضاء .. استعيد ذكريات بعيدة قد اشترك فيها مع الآخرين .. ولكني لا أشركهم فيها , لان ( الجحيم هم الآخرون )...ولأنني لابد سأختلف معهم في تحديد ما إذا كانت سعيدة أم حزينة ؟؟؟
تنهمر الأحداث سريعة .. تتسع الدوائر وتتشابك ..تتعدد الأصوات وتختلف الوجوه .. تظهر المواقف تارة واضحة لا لبس فيها وأخرى غامضة وملتبسة .. في المفترق ..هناك أين تلتقي الطرق وتتفرق .. هناك حيث لا مفر من اتخاذ القرار السليم ( فمهمتي أن أجعلك ترى ) , لاني أريد أن أصبح كاتبا جيدا وليس كاتبا عظيما ... تبدأ الحكاية الأولى بالزغاريد .. تصدح الحناجر بالغناء وترافقها بإصرار الموسيقى .. يرقص الجميع بفرح في البداية وبهستيريا منتصف الليل ... ثم يأتي العريس محاطا بأقرانه فتركب الجميع موجة من الجنون .. تختلط الزغاريد بالغناء ببكاء الصغار وصياح الكبار ويضيع وسط الحشود العريس ..يصبح كالريشة تدفعها الأيادي نحو غرفة معلومة , توصد عليهما بإحكام . هي جالسة ترتعد من الخوف .. ممسكة بقدم السرير .. ينظر إليها بعطف يطرده تذكره للنصائح التي زود بها ( الليلة ليلتك ..إما أن تعز أو تهان .. المرأة فرس جموح ..اركبها بقوة وعنف .. عليك أن تثبت رجولتك ...) اقترب نحوها أجفلت .. امسكها من معصميها رماها أرضا وارتمى ( فوقها كالبهيمة ) رفسة من قدميها أصابته أسفل الحزام .. ترنح كالسكران ..لوح بقبضته ثم تذكر الدروس التي تلقاها ( اربط يديها وقدميها إلى السرير.. وأنجز مهمتك بسرعة وإتقان) ... نفذ ..ولما سال الدم خرج مزهوا واستقبل استقبال الأبطال ...؟؟؟
بياض الصفحة يزعجني .. أواصل الكتابة لاني لا أريد أن أصبح صورة من المنارة التي انطفأت بعد أن سارت على هديها السفن في البحر أو رست في الموانئ بأمان ... نعم انطفأت كما انطفأ ذات فصل ربيعي عبق بعطر الزهور والورود روح ندية وهبت نفسها لمن أحبت باستسلام صعدت معه جبال المتعة.. وبلغت معه قمة اللذة ..ولم تشعر بألم ولا أحست بتلك القطرة من الدم ..كل شيء حدث عن حب ... وانتهى حقيقة بلهاء
أعود إلى السطر .. أتوقف عند الحكايتين ..اقلب الأوراق وادقق في التفاصيل ( أين يكمن الشيطان ) .. أتساءل عن مغزى الكتابة عن أفعال بريئة تنتخب لها المقاصل ؟؟؟ نعم إرادتي أن أصبح كاتبا جيدا مهمته ( أن يجعلك ترى ) . من خلف زجاج النافذة تابعت رؤية موج البحر ينقض على الصخر يفتته . وراعني أن المنارة تخلت عن وظيفتها تاركة السفن تواجه مصيرها .. والمنحرفون يعيثون فيها فسادا …
اسا في 14/02/2012
في هذا الأمس الموغل في القدم كنت انتظر أن تأتي إلي, كاشفة عن مفاتنها ( شعر أصيل.. عنق طويل.. خصر نحيل .. ردف ثقيل ...) وإمعانا في التأريخ أضيف ( عينان واسعتان بهما حور .. وأنف دقيق يطل على الثغر الصغير كأنه غزال يرتوي من عين صافية ) . . ولكنها لم تأتي , وتركتني أتجرع قهوتي السوداء المرة ..هكذا احتسيها منذ استجابت هذه المقهى لشروطي في الكتابة .. الإطلالة على شاطئ البحر الذي لم يتخلف يوما عن ( انقضاضه على الصخر الهائل يفتته ).. الهدوء الكئيب الذي يتناوب على الجلوس إليه رواد المقهى فيما يشبه طقسا يرفضون الإخلال به .. طاولتي..المحجوزة لي في الركن القصي جوار النافذة التي منها أستطيع رؤية المنارة التي لم تعد ترشد السفن , بل أصبحت وكرا للسكارى والمشردين والعاهرات القدامى من طوح بهن الدهر ولم يسعفهن عطار...
كل صباح مظلم أو مشرق ..ممطر أو صحو , أشد الرحال للمقهى المعلوم ..ألبس لكل حال لبوسها .. اندس في المعطف الصوفي الثقيل ..واحتمي من المطر بمظلة سوداء ... أو ارتدي قميصا بألوان قوس قزح واضع على الرأس قبعة رياضية بيضاء .. وفي جميع الأحوال امضي إلى المقهى مطمئن البال .. أكان معي ما يكفي من المال أم كنت مثقوب الجيوب . لاشيء يمنعني من الذهاب الى وجهتي .. من اجل تحقيق هدفي .. قد يظن البعض إني أداوم على هذا الفعل كما قد يفعل موظف لا خيار أمامه.. أبدا كنت كالمقاتل أعرف مصيري.. فلا مجال للاحتمالات إما النصر وإما الهزيمة .. أما بلوغ العظمة فذاك رهان الموتى الذين يتبجحون بالقول ( أن العظمة وان كانت قصيرة الأمد فإنها تلازم صاحبها طويلا ) ..لا أريد أن أكون كاتبا عظيما .. لذلك أجلس في هذا المكان منزويا أستعيد تفاصيل حياتي ..افرد على الطاولة أوراقي البيضاء .. استعيد ذكريات بعيدة قد اشترك فيها مع الآخرين .. ولكني لا أشركهم فيها , لان ( الجحيم هم الآخرون )...ولأنني لابد سأختلف معهم في تحديد ما إذا كانت سعيدة أم حزينة ؟؟؟
تنهمر الأحداث سريعة .. تتسع الدوائر وتتشابك ..تتعدد الأصوات وتختلف الوجوه .. تظهر المواقف تارة واضحة لا لبس فيها وأخرى غامضة وملتبسة .. في المفترق ..هناك أين تلتقي الطرق وتتفرق .. هناك حيث لا مفر من اتخاذ القرار السليم ( فمهمتي أن أجعلك ترى ) , لاني أريد أن أصبح كاتبا جيدا وليس كاتبا عظيما ... تبدأ الحكاية الأولى بالزغاريد .. تصدح الحناجر بالغناء وترافقها بإصرار الموسيقى .. يرقص الجميع بفرح في البداية وبهستيريا منتصف الليل ... ثم يأتي العريس محاطا بأقرانه فتركب الجميع موجة من الجنون .. تختلط الزغاريد بالغناء ببكاء الصغار وصياح الكبار ويضيع وسط الحشود العريس ..يصبح كالريشة تدفعها الأيادي نحو غرفة معلومة , توصد عليهما بإحكام . هي جالسة ترتعد من الخوف .. ممسكة بقدم السرير .. ينظر إليها بعطف يطرده تذكره للنصائح التي زود بها ( الليلة ليلتك ..إما أن تعز أو تهان .. المرأة فرس جموح ..اركبها بقوة وعنف .. عليك أن تثبت رجولتك ...) اقترب نحوها أجفلت .. امسكها من معصميها رماها أرضا وارتمى ( فوقها كالبهيمة ) رفسة من قدميها أصابته أسفل الحزام .. ترنح كالسكران ..لوح بقبضته ثم تذكر الدروس التي تلقاها ( اربط يديها وقدميها إلى السرير.. وأنجز مهمتك بسرعة وإتقان) ... نفذ ..ولما سال الدم خرج مزهوا واستقبل استقبال الأبطال ...؟؟؟
بياض الصفحة يزعجني .. أواصل الكتابة لاني لا أريد أن أصبح صورة من المنارة التي انطفأت بعد أن سارت على هديها السفن في البحر أو رست في الموانئ بأمان ... نعم انطفأت كما انطفأ ذات فصل ربيعي عبق بعطر الزهور والورود روح ندية وهبت نفسها لمن أحبت باستسلام صعدت معه جبال المتعة.. وبلغت معه قمة اللذة ..ولم تشعر بألم ولا أحست بتلك القطرة من الدم ..كل شيء حدث عن حب ... وانتهى حقيقة بلهاء
أعود إلى السطر .. أتوقف عند الحكايتين ..اقلب الأوراق وادقق في التفاصيل ( أين يكمن الشيطان ) .. أتساءل عن مغزى الكتابة عن أفعال بريئة تنتخب لها المقاصل ؟؟؟ نعم إرادتي أن أصبح كاتبا جيدا مهمته ( أن يجعلك ترى ) . من خلف زجاج النافذة تابعت رؤية موج البحر ينقض على الصخر يفتته . وراعني أن المنارة تخلت عن وظيفتها تاركة السفن تواجه مصيرها .. والمنحرفون يعيثون فيها فسادا …
اسا في 14/02/2012
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire